المحور الثاني:
هناك سؤال يتبادر إلى ذهن كل إنسان نحن نعرف أن الدولة المهدوية هي خاتمة الزمان فهي أخر دولة وهنا يأتي السؤال:لماذا لم يجعل الله هذه الدولة في أول الزمان؟!بمعنى لماذا لم يهيأ الله الأسباب للنبي مثلاً(صلى الله عليه وآله) حتى تكون له هذه الدولة الكبرى لماذا جعل هذه الدولة أخر الزمان؟!بعبارة أخرى عبارة علمية علمائنا يقولون الدليل على الحاجة و ضرورة النبوة والإمامة قاعدة(اللطف)في علم الكلام قاعدة تسمي بقاعدة(اللطف) يقولون مقتضى قاعدة اللطف أن يبعث الله الأنبياء وأن ينصب الأئمة وأن ينزل الكتب من السماء,هذا مقتضى قاعدة اللطف لماذا؟!
لأنه المجتمع الإنساني يحتاج إلى نظام عادل وهذا النظام العادل لا يمكن للمجتمع الإسلامي أن يخترعه لأنه المجتمع الإنساني عقوله محدوده لا يمكن أن يخترع نظام عادل ينسجم مع جميع الحضارات ومع جميع الأجيال ,إذاً المجتمع الإسلامي يحتاج إلى نظام عادل يتناسب مع جميع الأجيال ومع جميع الأزمنة وذلك النظام العادل لا يد أن ينزل من السماء فمقتضى لطف الله بالمجتمع الإنساني أن ينزل عليهم النظام العادل الذي يحتاجونه هذه تسمى قاعدة اللطف ولقد استدل بها علمائنا على ضرورة وجود أنبياء وجود أئمة وجود كتب سماوية تحقق النظام العادل هذه القاعدة أيضاً يمكن أن يستدل بها شخص على ضرورة وجود الدولة المهدوية من زمان النبي لماذا تتأخر إلى أخر الزمان كما أن مقتضى لطف الله بالأمة أن يبعث أنبياء كما أن مقتضى لطف الله بالناس أن ينزل عليهم الكتب مقتضى لطف الله بالناس أن يؤسس لهم دولة مهدوية عامة منذ زمان النبي محمد(صلى الله عليه وآله)فلماذا تأخرت الدولة إلى أخر الزمان ما هو السر ما هو الحكمة؟!ما هي الحكمة في تأجيل الدولة العامة إلى أخر الزمان ما هو السر في تأخيرها إلى أخر الزمان ما هي الحكمة؟!
هنا أمور ثلاثة:
الأمر الأول:يقول الفلاسفة:المادة منشأ النقص والتجرد منشأ الكمال ,كيف المادة منشأ النقص والتجرد منشأ الكمال؟!الإنسان مادي جسم مادي موجود على الأرض لأنه مادي فهو ناقص المادة منشأ للنقص الوجود المادي منشأ للنقص الوجود هذا منشأ للنقص كيف؟!لأنه الوجود المادي محفوف بحاجبين كبيرين:1- حاجب الزمان ,2- وحاجب المكان ,أنت لا تستطيع أن تتحرر لا من زمان ولا تستطيع أن تحرر من المكان لماذا؟!لأنك مادي فأصبحت المادة منشأ للنقص مثلاً: أنا الآن في هذا المكان لا أستطيع أن أعلم بما خلف الجدار لماذا؟! المكان يحجبني ما دمت مادة والمادة تشغيل حيز من الفراغ فلا يمكن لهذه المادة التي تشغل حيز من الفراغ أن تشغل الأمكنة كلها لابد أن تشغل مكان معين أصبح المكان حاجب المكان يحجبني أن أعلم ما وراء المكان وكذلك الزمان أنا الآن في الساعة:8:30لا أعلم ماذا سيحصل في الساعة 9 الزمان يمنعني أن أعلم .
إذاً المادة تشغل مكان فيحجبها المكان عن الامتداد لما ورائه وتشغل زمان فيمنعها الزمان عن أن تحيط بما ورائه الزمان والمكان حجابان يمنعانا الإنسان عن رؤية ما وراء الزمان ورؤية ما وراء المكان كل هذا لأنه الإنسان مادي بينما المتجرد عن المادة مثل الملك لا يحجبه زمن ولا يحجبه مكان الملائكة تعلم ما وراء المكان لأنه لا يحجبه مكان وتعلم ما وراء الزمان لأنه لا يحجبها زمان فالمادي وهو أنا ناقص لأنني مبتلى بحجابين وهما الزمان والمكان بينما المجرد كالملك كامل لأنه يحجبه لا مكان ولا زمان فالمادة منشأ النقص والتجرد منشأ الكمال .
ما هو الفرق بين الروح قبل أن تصبح في عالم المادة والروح بعد أن تصبح في عالم المادة؟! نحن كنا أرواح قبل أن ننزل إلى هذا العالم كنا أرواح في عالم الذر لما كنا أرواح كنا مجردين لم نكن مادة لما كان في عالم الذر كنا نعيش كمال وهو رؤية ملكوت الله تبارك وتعالى كل روح من أرواحنا كانت تشاهد ملكوت الله تبارك وتعالى وتسبح الله لرؤيتها ذلك الملكوت ورؤية الملكوت كمال وأي كمال قال تعالى:{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} كل روح بشرية قبل أن تنزل إلى عالم الدنيا كانت ترى الملكوت وتشاهده وتسبح الله لأجله فهي تعيش كمال فعلي نزلت إلى عالم المادة أرطبت بالجسد أصبح الجسد مثل السجن مثل القفص أصبح يحجبها الزمان والمكان خرجت من الكمال إلى النقص أصبحت محفوفة بالزمان والمكان بعد أن كانت متجردة ومتحررة من الزمان والمكان هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني:كما أن الزمن والمكان حجب وقيود أمام الانطلاق وأمام العلم وأمام الكمال أيضاً التراكمية الثقافية قيد أخر هذه يطرحه علماء النفس ,كيف التراكمية الثقافية قيد أخر؟! أضرب لك أمثله:
عندنا الآن طفل عمره سبع سنوات في أول ابتدائي هذا الطفل تستطيع أنت أن تعلمه معلومات الجامعة؟! حتى إذا علمته المعلومات يمكن أن يحفظها يمكن هذا الطفل عنده قوة ذاكرة لكنه لا يستطيع أن يتفاعل معها لماذا لا يستطيع أن يتفاعل معها؟! لأنه مادة دماغه خلايا مادية الحواس الخمس الذي عنده أشياء مادية والمادي ناقص ومحدود القدرة فلا يمكنه أن يتفاعل مع أي معلومة إذا لم يمر بالتراكمية الثقافية هذا الطفل ما لم يتعلم المعلومات السابقة على معلومات الجامعة لا يمكن أن يستوعب معلومات الجامعة مستحيل ,يمكن أن يتفاوت الناس شخص يمكن أن يستوعبها بعد خمس سنين وشخص يمكن لا يستوعبها إلا بعد عشر سنين هذا تفاوت في السرعة والبطء ليس إلا لكن لابد لتراكمية الثقافية من أن تأخذ دورها ,أنت تأتي إلى طالب الطب يستطيع طالب الطب خلال يوم واحد يستوعب معلومات سبع سنوات لا يستطيع لماذا؟!
التراكمية الثقافية دخليه في التفاعل مع المعلومة يمكن أن يحفظ عندنا الآن أطفال في إيران وغير إيران يحفظوا القرآن كله هذا حفظ لا يستطيع أن يتفاعل معه التراكمية الثقافية دخيلة في التفاعل مع المعلومة ,التراكمية الثقافية عنصر ضروري في التفاعل مع المعلومة إذاً طفل الابتدائي لا يستطيع أن يتفاعل مع معلومات الجامعي لأنه لم يمؤ بهذه التراكمات الثقافية حتى يكون قادر على التفاعل معها ,الشاب في أول الجامعة لا يمكن أن يتفاعل مع رسالة الدكتوراه وأن حفظها لأنه لم يمر بالتراكمية الثقافية التي تؤهلها لاستيعاب المعلومات كل ذلك ناشئ عن كونه مادي والمادي محدود القدرة هذا هو الأمر الثاني.
الأمر الثالث:وصلنا إلى النتيجة لماذا لم تعطى البشرية منذ يوم آدم رسالة النبي لماذا رسالة النبي تأخرت إلى فترة؟!جاء آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم داود ثم سليمان ثم موسى ثم عيسى ثم النبي محمد ,ما هو السر في تأخير رسالة الإسلام لما بعد الآف السنيين من تاريخ البشرية؟! السر في تأخير رسالة الإسلام إلى ما بعد ألاف السنيين هو حاجة البشرية لتراكمية الثقافية حتى تكون مؤهلة باستيعاب رسالة الإسلام لو أعطيت البشرية رسالة الإسلام منذ يوم نوح لما تفاعلت معها ولأصبحت الرسالة فاشلة الرسالة الإسلامية تحتاج إلى مستوى من الثقافة تمر به البشرية حتى تكون مؤهلة لاستيعاب هذه الرسالة .
إذاً كما أن الله أجل رسالة النبي إلى ما بعد آلاف السنين من تاريخ البشرية كذلك أجل الدولة المهدوية إلى أخر الزمان لماذا؟!لأنه الدولة المهدوية تحتاج إلى مستوى ثقافي وحضاري لا تملكه البشرية إلى الآن إلى الآن البشرية لا تملك المستوى الثقافي والحضاري الذي يؤهلها لتفاعل مع دولة الإمام المهدي ,الدولة المهدوية تحتاج إلى مستوى من النضج والثقافة والحضارة لذا المجتمع البشري لكي يستطيع أن يتفاعل مع معلومات هذه الدولة مع قوانين هذه الدولة مع أنظمة هذه الدولة حيث أن البشر لم يصل إلى هذا المستوى لذلك لم يحن موعد الدولة بعد ولو أعطيت الناس الجولة الخاتمية مند زمن النبي أو زماننا هذا لكان الدولة فاشلة لا يستفيد منها الناس ,أمثله:
في زمن الإمام علي (عليه السلام)لماذا الإمام علي كان متأذي كان يقول يا كميل(أنا هاهنا لعلماً جماً لو أصبت له حملة)بمعنى ليس عندي أحد يفهمني أنا سابق زماني أنا سابق وقتي (أنا هاهنا لعلماً جماً لو أصبت له حملة)لماذا؟!أنت ترى الإمام علي مثلاً يقف على نهر الفرات ويقوللو شئت أن أخرج لكم من هذا الشلال نور لأخرجت)الناس لا تفهم الكهرباء في ذلك الوقت لا تفهم الرابط بين الماء والكهرباء ,إذاً هذا يتكلم عن معلومة سبقت زمانه لا يستطيع الناس أن يتفاعلوا معها الناس كانت تقرأ القرآن وتقرأ قوله تعالى:{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}ولم تكن تفهم هذه الآية الناس لم تكن تفهمها في زماننا فهمت الناس أن الأرض متحركة.
مثلاً:الناس كانت تقرا هذه الآية:{السَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} نظرية التمدد في الفضاء هذه النظرية الآن حدثت لم تكن الناس تعرف بهذه النظرية زمن نزول الآية.
نأتي الآن على مستوى علم النفس من أهم نظريات علم النفس الاستبطاني العقل الباطن ,العقل الباطن هذا اكتشافه اكتشاف شيء عظيم أسهم في حل مشاكل وأمراض نفسية كثيرة اكتشاف منطقة العقل الباطن طيب هذه منطقة العقل الباطن اللي اكتشفوها علماء النفس في زماننا هذا وردت في الروايات وفي الآيات:{فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}وورد عن الإمام علي (عليه السلام):"ما أضمر أمرء شيء في قلبه إلا ظهر على فلتات لسانه" لكن البشرية لم تكتشف العقل الباطن إلا في زماننا.
إذاً أريد أن أقول أن السر في تأجيل الدولة المهدوية إلى أخر الزمان أن التفاعل مع هذه الدولة يحتاج إلى مستوى راقاً من الثقافة وإلى الآن البشرية لم تمر بالتراكمية الثقافية التي تؤهلها لتفاعل مع دولة المهدي المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف)فلو أعطوا هذه الدولة في زمن سابق لكان في غير محله لكانت دولة فاشلة وعقيمة لا يمكن أن يتفاعل معها المجتمع البشري.
المحور الثالث:
ذكرنا أن خروج الإمام المنتظر منوط ومرهون بظروف معينة ,هل نستطيع نحن أن نساهم في هذه الظروف؟!هل نستطيع نحن أن نعجل خروج الإمام؟!هل نستطيع نحن البشر العاديين أن نقوم بأعمال تساهم في خروج وتعجل قدومه وتوطئ الأرض لظهوره؟!ما هو دورنا في إعداد الظروف المنسجمة مع خروجه(صلوات الله وسلامه عليه وعلى أبائه).
دور البشرية في الأعداد لخروجه وتهيئة الظروف له هو الانتظار الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وآله:"أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج" ,لكن ما هو الانتظار؟! هنا نظريتان عندنا في الانتظار:
1-الانتظار التعطيلي .
2-الانتظار الإعدادي.
الانتظار التعطيلي:ماذا يعني؟! فعلاً بعض الشيعة ذهب إلى الانتظار التعطيلي بعض الشيعة ذهب إلى الانتظار الإعدادي.الانتظار التعطيلي يقول:علينا ترك كل شيء فإذا تركنا كل شيء ستمتلئ الأرض ظلما وجورا وستكون معدة لخروج الإمام ,الإمام لين يخرج حتى تمتلئ الأرض ظلما وجوراَ نحن لماذا ندافع الظلم نؤخر خروجه؟! ما دام لن يخرج حتى تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً فعلينا أن نترك المنكرات تطغى على الأرض وعلينا أن نترك الظلم يتفشى و يستحكم على البشر حتى لا نعطل خروجه ونكون بهذا الانتظار التعطيلي قد أسهمنا في تعجيل خروجه .
هذا الاتجاه يمشي على روايات ولم يأتي جزافا هناك روايات يحاول يستفيد منها ما يؤيد كلامه من هذه الروايات ,ما ورد عن الصادق(عليه السلام):"كل راية قبل راية قائمنا فهي راية ظلال وصاحبها طاغوت يعبد من دون الله",من هذه الروايات:"كونوا أحلاس بيوتكم ولا تخرج مع أي خارج" من هذه الروايات مثلاً التي تذم الخروج وتذم الاستعجال ما ورد من أن النفس واحدة فنظروا مع من تخرجون هذا هو الانتظار التعطيلي.
تتبع <<< تتمة